fbpx
التسويق والهويةالتواصل المؤسسيالعلاقات العامة والإعلام

أهم التوجهات والمهارات التسويقية في ٢٠٢٥م

خلال الثلاث سنوات الماضية أدركت بأن الأشياء من حولنا لا تستوعب حجم التطور الذي يتطلبه العالم، فهناك من لا زال يحاول اللحاق بالركب وآخرين توقفوا تمامًا فلم تبق لهم باقية، فما السبيل يا ترى من أجل البقاء في سباق الضاحية؟ وكيف لنا أن نستغل كل هذا التطور والبقاء دوما في الطليعة؟ بالأمس كنا نتحدث حول تطويع البيانات والتقنيات، واليوم أصبحنا نتحدث حول أنسنة هذه التقنيات وأخلاقيات تجارة البيانات!

نحن اليوم لسنا بحاجة إلى أن نتبع الركب، وإنما لقيادة التغيير وتوجيه من هم خلفنا، لأن الأول مُنهك ونتائجه تأتي متأخرة نسبيًا، بينما القيادة فهي خلق بيئة تتلاءم مع متطلبات خطط مؤسستك الاستراتيجية وتخدم أهدافها، “كلام كبير، صح؟”، ولكن هذه هي الحقيقة.

اليوم أعطيك الفرصة لمعرفة ما الذي يتوجب عليك أن تكون مستعد له في ٢٠٢٥م.

وبدون إطالة ومقدمات جهز لك كوب قهوة أو شاي وانطلق معي في أهم التوجهات والمهارات التسويقية في ٢٠٢٥م

هذا المقال مفيد وهام للعاملين في القطاعات التالية:

  • الإدارة التنفيذية
  • التواصل والتسويق
  • تقنية المعلومات
  • الموارد البشرية
  • المالية والمشتريات
  • ريادة الأعمال

غارقين في عالم الوفرة

بناء على دراسة قدمتها شركة Statista ان ما يقارب ٨٠٪ من البيانات في العالم تم انشاؤها خلال السنتين الماضيتين فقط (٢٠٢٢-٢٠٢٣)! وتتضاعف بشكل مخيف خلال الفترة القادمة، ففي ظل تطور الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية وأدوات تحليل البيانات فإن الرؤساء التنفيذين والعاملين في مجال التسويق والتخطيط الاستراتيجي هم فعلاً في تحدي كبير حول إدارة هذا الكم من البيانات لفهم سلوك العملاء وتوجهات الأسواق ورفع كفاءة العمليات التشغيلية، وبالرغم من ذلك، فإن التقرير الصادر عن شركة Deloitte يصف إن العديد من المؤسسات تصاب بمرض شلل البيانات (data paralysis) نتيجة تعاطيها لكميات هائلة وزائدة من البيانات والذي يؤدي إلى حالة من التردد وعدم اليقين في بناء استراتيجياتها بسبب سوء فهم وتحليل هذه البيانات.

الحاجة إلى مهارات التفكير النقدي (Critical Thinking)

هناك تعريف رائع لمهارة التفكير النقدي نشترته Harvard Business Review وهو التفكير القائم على تحليل الحقائق بصورة عقلانية وموضوعية مع التشكيك في المسلمات، ويكون ذلك بهدف فهم مشكلة أو موضوع بدقة أو اصدار حكم أو الوصول إلى نتيجة معينة.

وعندما نتحدث حول التسويق المعتمد على البيانات، نجد ان مهارات التفكير النقدي (كالاستنتاج والاستقراء والتقويم والاستبعاد) ضرورة هامة لتحديد أنماط العملاء المحتملين والتعرف على احتياجاتهم وميولهم ووضع استراتيجيات قابلة للتنفيذ لتحقيق أهداف المؤسسة.

في دراسة حديثة أجراها المنتدى الاقتصادي العالمي تم اعتماد مهارة التفكير النقدي كأحد أهم المهارات المستقبلية المطلوبة في سوق العمل، ومن هنا واستعدادًا للعام ٢٠٢٥م فإنه يتوجب على القيادات التنفيذية وأصحاب الأعمال والمختصين في مجالات التسويق السعي للاعتماد على مهارات التفكير النقدي والقدرات التحليلية البشرية للنتائج التي تقدمها البيانات لهم، والذي بدوره سيمكن المؤسسات من تقديم محتوى مُخصص للعملاء وأتمتة نقاط التواصل وخلق تجربة نموذجية وسلسة لهم، وذلك بهدف تحسين رحلة اكتساب العملاء وتقديم تجربة تلائم احتياجاتهم ورغباتهم (personalized experience) وبالتالي تحويل العملاء إلى زبائن دائمين وتعزيز مكانة وهوية المؤسسة.

منصات التواصل “الاستهلاكي”

ان التطور الكبير للمحتوى في شبكات التواصل بمختلف أنواعها يضع صناع المحتوى في تحديات عديدة ومتجددة، وسعي المنصات لتوفير بيانات أكثر جودة حول سلوك المستخدم والتي تعتبر المنتج الأساسي لبقاء هذه المنصات، هذا السلوك المتغير للفرد والتفضيلات المتباينة حول آلية استقبال المعلومات يضع سنة ٢٠٢٥م في ذروة النضج حول بعض القناعات التي سأتطرق حولها بشكل مفصل.

– التحول الى الفيديوهات القصيرة

خلال الفترة الماضية القريبة تصدرت الأفلام القصيرة (short videos) في منصات التواصل المشهد العام وأصبحت السلعة الأكثر تداولا في جميع المنصات، والتي هي عبارة عن محتوى سريع ذا فكرة بسيطة ويلبي رغبات المستخدمين في قوالب ترفيهية أو تعليمية أو فكرة مبسطة لحل قضية أو مشكلة، لذلك كاستراتيجية حتمية في ٢٠٢٥م فإن الاستثمار في صناعة محتوى يتناغم مع احتياجات العملاء وتفضيلاتهم.

في دراسة حديثة، يتوقع أن يشكل محتوى الفيديو 82% من إجمالي حركة الإنترنت العالمية بحلول عام ٢٠٢٥م ويعزى ذلك إلى فعاليته في جذب الانتباه ونقل المعلومات بسرعة. (Firework)

لفهم سبب تفضيل العملاء لمحتوى الفيديوهات القصيرة، أنصحك بقراءة مقالتي حول “قوة الجذب في التسويق” والتي تعتمد على عناصر SUCCESS في كل فكرة تود ايصالها.

– الحملات التسويقية المدعمة بالذكاء الاصطناعي

مع الاتاحة المجانية لاستخدام الذكاء الاصطناعي للعامة قبل قرابة العامين، بدأ الجميع بتجربة وتقييم مدى فاعلية أدوات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT و Gemini و Tome وغيرها في تطوير الحملات التسويقية، وحسب تقييم المستخدمين وآراء المختصين نجد ان الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تطوير الحملات التسويقية سيحقق العديد من المنافع مثل الاستناد على بيانات لحظية لتوفير محتوى يتناسب مع تطلعات العميل، والمساعدة في تحليل أوقات النشر المناسبة ورصد المواضيع الحيوية والرد السريع والسلس على استفسارات وأسئلة العملاء، ولا غرابة في تطور الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب في انتاج أفلام قصيرة لتلبي رغبات المستخدمين في تسهيل عمليات الوصول للعملاء.

– المحتوى الأصيل والموثوق

برزت في الفترة الأخيرة التغير في سلوك الفرد حول تجنب الانجذاب إلى الإعلانات الترويجية للمنتجات والخدمات، ويعزى ذلك إلى فقد ثقة المستخدم في مصداقية المؤسسات، لذى يبحث العملاء عن أصوات وقنوات تقدم محتوى أصيل وموثوق كأناس طبيعيين أمثالهم يتحدثون حول تجاربهم وقصص أكثر مصداقية، فلتكن ٢٠٢٥م بداية جديدة للتفكير بطريقة مبتكرة في تقديم محتوى أكثر مصداقية والتركيز على صناعة محتوى ذا قيمة حقيقية للعميل مثل الذي ينتجه المستخدمون حول أي منتج أو خدمة لكونه من الأساليب الحديثة لبناء الثقة مع العملاء.

في دراسة استقصائية، يتفق 79% من الناس أن المحتوى الذي ينتجه المستخدمون يؤثر بشكل كبير على قرارات الشراء لديهم، مما يدل على أن المستهلكين يثقون في المحتوى الذي ينشئه أقرانهم أكثر من الإعلانات التقليدية من العلامات التجارية (Stackla، 2021).

أنسنة البيانات

خلال بحثي حول هذا الموضوع شدني ما قامت به مصممة البيانات الإيطالية جورجيا لوبي واللندنية ستيفاني بوسافيك في تجربتهما المبدعة والدعوة إلى “أنسنة البيانات” (Data Humanism) في ظل تطور وهيمنة عوالم البيانات من حولنا، هدفت الفكرة إلى إعادة النظر حول الرسوم البيانية والمخططات التقليدية واتباع نهج أكثر تعاطفًا وإنسانية لتمثيل البيانات، لتعكس ما تمثله هذه البيانات حقا من معلومات حول هويتها والخصائص الشعورية والسلوكية المرتبطة بها.

وإن كانت تجربة لوبي وبوسافيك مثرية لرسم مستقبل البيانات، إلا ان هذا الأمر لا يتعارض مع التوجهات والمتطلبات المستقبلية لعوالم البيانات، ففي ظل نمو البيانات المتسارع وتطور أدوات الذكاء الاصطناعي المستمر، يقابله في الطرف الاخر وعي العميل المتزايد حول نوعية البيانات التي يسمح المشاركة بها ومدى مصداقيتها.

فخلال العقد الماضي، برزت أهمية البيانات على ضوء الاختراقات التي تمت وفضائح إساءة الاستخدام، والتي عززت الحاجة إلى قوانين لحماية البيانات والخصوصية مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في أوروبا وقانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا (CCPA) في الولايات المتحدة، ولذا من المتوقع خلال ٢٠٢٥م ستمتد القوانين الى خارج أوروبا والولايات المتحدة لتشمل دول الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، كما ستفرض الهيئات التنظيمية والرقابية عقوبات صارمة على الانتهاكات، مما يجعل الامتثال لقوانين الخصوصية أولوية قصوى لدى الشركات ويدفعها للامتثال لهذه اللوائح والأنظمة.

بالرغم من تفاوت مدى نضج المؤسسات بما يتعلق بخصوصية البيانات، إلا انه في ٢٠٢٥م سيتعين على الإدارات التنفيذية والمسوقين ومسؤولي التخطيط الاستراتيجي في المؤسسات أن يرسموا ملامح واضحة ليس فقط لآلية الامتثال للوائح والقوانين فقط، وإنما إلى دمج التسويق الأخلاقي في استراتيجيات الشركة وكسب ثقة العميل في السماح بتبادل وتخزين بياناته بهدف توطيد وتمكين العلاقة بين الطرفين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى