fbpx
التسويق والهويةالتواصل المؤسسيالعلاقات العامة والإعلام
أخر الأخبار

استراتيجيات بناء العلامة التجارية (Brand) الناجحة في ٢٠٢٥ [دليل]

في ورشة عمل قدمتها للمشاركين ضمن برنامج ريادة الأعمال والذي يهدف إلى تطوير مهارات وأساسيات تأسيس الشركات وإدارتها، تناولتُ خلال الورشة استراتيجيات بناء العلامة التجارية وتسويقها للشركات الناشئة، كان لدي بعض التوقعات حول المستوى المعرفي للمشاركين بأهمية بناء العلامة التجارية والقيمة التي تضيفها للمؤسسة أو المنتج (الخدمة) والتي فرضت علي الحاجة لكتابة هذه التدوينة الهامة التي أخذت مني وقت طويل جدًا لكتابتها وتقديمها بطريقة سهلة وواضحة.

الفئة المستهدفة:

  • الإدارة التنفيذية والفريق الاستراتيجي
  • المختصين في بناء وتسويق العلامة التجارية
  • المختصين في التسويق وتطوير المنتجات والخدمات
  • المختصين في التواصل المؤسسي والعلاقات العامة

 

٧ أساليب هامة لبناء العلامة التجارية

شهد مفهوم العلامة التجارية (Brand) تطورات عديدة نظرًا لأهميته وتأثيره في المؤسسات والتي يجب الإلمام بها لفهم عملية البناء.

في عام 1985، بدأت الشركات تدرك أهمية العلامة التجارية كأداة استراتيجية لتحقيق التميز في السوق، كان ظهور العلامات التجارية الكبرى مثل “Coca-Cola” و”Nike” بمثابة نقطة تحول، حيث بدأت الشركات تستثمر في بناء هوية متينة لعلاماتها التجارية باستخدام أساليب متنوعة، فيما يلي سبعة أساليب رئيسية لبناء العلامة التجارية كما ذكرها كتاب (Brand Management: Research, Theory and Practice) حسب النشأة والتطور:

  1. الأسلوب التسويقي: التركيز على تسويق العلامة التجارية من خلال المزيج التسويقي (المنتج، المكان، السعر، الترويج) فقط واستغلال المزيج في اقناع المستهلك في عملية اتخاذ القرار.
  2. أسلوب الهوية: ينصب بشكل أكبر على طابع هوية العلامة التجارية للمؤسسة وكيفية تميز رسالة العلامة عن باقي المنافسين، وهو أسلوب متطور وأوسع من الأسلوب التسويقي.
  3. الأسلوب القائم على المستهلك: يركز على فهم احتياجات ورغبات المستهلكين ودمجها في العلامة التجارية.
  4. أسلوب الشخصية: يركز على خلق شخصية مميزة للعلامة التجارية ترتبط بالعواطف والقيم والجوانب الإنسانية.
  5. الأسلوب القائم على العلاقة: يركز على بناء شراكات قوية ومستدامة بين العلامة التجارية والمستهلكين، وهو مستند على أساس أسلوب الشخصية.
  6. أسلوب المجتمع: يركز على بناء مجتمع حول العلامة التجارية وتعزيز التفاعل بين منتسبي المجتمع.
  7. الأسلوب الثقافي: موجه نحو نسيج ثقافي محدد وتأثيره على استهلاك العلامة التجارية وعمقها في جعلها أيقونة ذلك النسيج الثقافي.

    تعكس هذه الأساليب تطور العلامة التجارية، حيث تحول التركيز من “إرسال” الرسائل التسويقية في الفترة الأولى (1985-1992) إلى التركيز على “استقبالها” في الفترة الثانية (1993-1999)، وأخيرًا الاهتمام بالعوامل السياقية والثقافية لفهم بناء العلامة التجارية على مستوى عالمي ومجتمعي.

    في بداية التسعينيات ومع انتشار الإنترنت، أصبحت العلامة التجارية الرقمية ضرورية، مما أتاح للشركات الوصول إلى جمهور أوسع وتطوير استراتيجيات تسويق مبتكرة، وبحلول عام 2000، تطورت العلامات التجارية جنبًا إلى جنب مع التكنولوجيا، وأصبح التركيز على تجربة المستهلك والتفاعل معه عبر منصات متعددة، والاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي لبناء علاقات أوثق مع العملاء وتعزيز ولائهم.

    مصطلحات العلامة التجارية:الوسم” و “الايسام

    لتسهيل القراءة وتجنب الجدل حول المصطلح العربي الصحيح لكلمة Brand أو Branding، سأستخدم مصطلح “الوسم” للإشارة إلى كلمة Brand، ومصطلح “الايسام” للإشارة إلى كلمة Branding، حيث أجد في كتاب “الايسام: التاريخ والمفهوم” للكاتب زياد طارق أورقنجي أنهما الأنسب بدلًا من استخدام كلمات مُعربة كـ “العلامة التجارية” أو “العلامة” أو “الماركة” أو “البراندينج”.

    أهمية بناء الوسم للشركات الناشئة

    في ظل العولمة والمنافسة الشرسة، أصبحت المنتجات والخدمات متشابهة، والتباين بينها يكاد لا يُدرك، لذلك تسعى الشركات الناشئة إلى بناء وسم متين يُرسخ مكانتها وتميزها في السوق، والوسم هنا ليس مجرد شعار أو اسم جذاب، بل هو تجربة متكاملة تنعكس في كل نقطة اتصال مع العُملاء، والتي من خلالها تُبنى العواطف والمشاعر والروابط في العقل اللاواعي للعميل، ولتحقيق ذلك، يجب الاعتماد على مجموعة من الركائز الأساسية التي تشكل هوية الوسم وتمنحه التباين والاستدامة، وهي:

    جوهر الوسم (Brand Essence)

    لتوضيح جوهر الوسم اعتمدت على نموذج “الدائرة الذهبية” لسيمون سينك، والذي يوضح كيف يمكن للشركات بناء هوية متينة لأي وسم من خلال التركيز على ثلاثة أسئلة أساسية: لماذا؟ (Why)، كيف؟ (How)، وماذا؟ (What). هذه الأسئلة تساعد في تحديد الغاية الأساسية للوسم ورسم مسار رحلته،

    يتمثل جوهر الوسم في أربعة عناصر رئيسية:
    • الغاية (Why): هي السبب الحقيقي خلف وجود الشركة، أي الهدف الأساسي الذي تسعى الشركة وموظفيها لتحقيقه، فالغاية تجيب عن سؤال: لماذا تفعل ما تفعله؟ ويجب أن تكون ملهمة وتُشكّل جوهر جميع قرارات واستراتيجيات الشركة.
    • الرؤية (Vision): تعكس الرؤية ما تسعى الشركة داخليًا لتحقيقه على المدى البعيد، ويجب أن تكون طموحة وتلهم فريق القيادة والموظفين.
    • الرسالة (Mission): تحدد الرسالة كيفية تحقيق الرؤية، وتشمل الإجراءات والأنشطة التي تقوم بها الشركة لتلبية غايتها.
    • القيم (Values): تمثل المبادئ الأساسية التي توجه تصرفات الشركة وموظفيها، وتحدد طريقة تعاملها مع العملاء وأصحاب المصلحة.

    مثال: شركة “تسلا” (Tesla) تعتمد على غاية واضحة وهي “تسريع انتقال العالم إلى الطاقة المستدامة”، مما يؤثر على قراراتها الاستراتيجية ومنتجاتها المبتكرة، حيث أفادت تقارير عام 2023 أن تسلا خفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 50 مليون طن سنويًا.

    الجمهور المستهدف (Target Audience)

    في ظل تطور بناء الوسم، أصبح فهم الجمهور المستهدف أكثر أهمية من أي وقت مضى، فالجمهور ليس مجرد مجموعة من المستهلكين، بل هو المحرك الأساسي لنجاح واستدامة أي وسم، تحديد الجمهور المستهدف بدقة يساعد الشركات على توجيه استراتيجيات التسويق والتواصل بفاعلية، مما يؤدي إلى بناء علاقات أعمق وفهم توقعاتهم وتعزيز الولاء.

    وللقيام بذلك يتم تحليل عدة عوامل مثل:
    • الخصائص الديموغرافية: العمر، الجنس، المستوى التعليمي، والموقع الجغرافي وغيرها.
    • الاهتمامات والسلوكيات:  مثل نمط الحياة، الاهتمامات الشخصية، والعادات الشرائية.
    • احتياجات العملاء: التحديات والمشاكل التي يسعى العملاء لحلها من خلال المنتج أو الخدمة.

    مثال: “نايكي” (Nike) تستهدف الرياضيين وعشاق الياقة البدنية، وتستخدم رسائل ملهمة مثل “Just Do It”، مما جعلها الوسم الأكثر قيمة في قطاع الملابس الرياضية وفقًا لتقرير عام 2022، بقيمة سوقية تفوق 30 مليار دولار.

    التموضع للوسم (Brand Positioning)

    لا يكفي أن يكون الوسم موجودًا فقط، بل يجب أن يكون مميزًا في أذهان العملاء في سوق مليء بالرسائل الإعلانية اليومية، تموضع الوسم هو الاستراتيجية التي تحدد كيف يرى العملاء الوسم مقارنةً بالمنافسين، وهو ما يساعد على إبراز الفروقات الفريدة وتعزيز قيمة الوسم من خلال الانسجام والتطابق والتكرار المستمر، كلما كان التموضع واضحًا ومدروسًا، كلما زادت فرصة الوسم في بناء ولاء طويل الأمد وتحقيق نجاح مستدام.

    يُبنى تموضع الوسم على عدة عناصر أساسية:
    • ما الذي يجعل الوسم مختلفًا عن المنافسين؟
    • تسليط الضوء على القيمة التي لا يمكن للمنافسين تقديمها بنفس المستوى.
    • بناء صورة ذهنية تعكس الثقة والمصداقية حول جودة المنتج/الخدمة.

    مثال: تتموضع “ستاربكس” (Starbucks) كأكثر من مجرد مقهى قهوة، بل كوجهة اجتماعية (البيت الثاني) تقدم تجربة قهوة متميزة، وفقًا لتقرير عام 2023 تمتلك ستاربكس أكثر من 38,000 فرعًا حول العالم، مما يجعلها العلامة التجارية الرائدة في قطاع القهوة.

    إن نجاح الوسم يعتمد على قدرته على التواصل بوضوح مع جمهوره، وتقديم وعود قابلة للتحقيق، وترسيخ قيم تعكس جوهره الفريد.

    شخصية الوسم (Brand Personality)

    تصبح شخصية الوسم العنصر العاطفي الذي يربط العملاء بالمنتج أو الخدمة في عالم مليء بالخيارات المتشابهة، فالوسم ليس مجرد اسم أو شعار، بل هو هوية تعبر عن قيم ومشاعر معينة تترك أثرًا في أذهان وخلجات المستهلكين، تمامًا كما أن لكل انسان شخصيته الفريدة، فإنه كذلك الوسم له طابعه الفريد الذي يميزه عن غيره، ونستنتج من ذلك ان بناء شخصية ثابتة ومؤثرة للوسم يتطلب خلق تجربة متماسكة عبر جميع نقاط الاتصال مع العُملاء، الذي بدوره يعزز الولاء ويحفز الارتباط العاطفي بالمنتج أو الخدمة.

    تتمثل شخصية الوسم في العناصر التالية:
    • السمات المميزة: هل الوسم جريء، عصري، مبتكر، فاخر، أم ودود؟
    • نبرة التواصل: الأسلوب المستخدم في الحملات الإعلانية والمحتوى الترويجي.
    • طريقة التفاعل مع العملاء: عبر نقاط الاتصال مثل المنافذ الخدمية، وسائل التواصل الاجتماعي وخدمة العملاء وغيرها.

    مثال: تمتاز شخصية “أبل” (Apple) بالإبداع والأناقة، حيث تعتمد في إعلاناتها على البساطة والابتكار، أظهرت دراسة في عام 2021 أن 85% من مستخدمي “أبل” يشعرون بأن منتجاتها تعكس أسلوب حياتهم الشخصي.

    هوية الوسم (Brand Identity)

    تتكون هوية الوسم من عناصر ملموسة ومحسوسة، لكن لا تُبنى من فراغ أو منفصلة، بل تتشكل بعد تحديد الركائز الأساسية للوسم، بعد الاتفاق على جوهر الوسم، وتحديد الجمهور المستهدف، وإرساء التموضع الواضح والشخصية المناسبة للوسم، تأتي مرحلة تطوير الهوية البصرية واللغوية والسمعية وغيرها، والتي تجسد كل هذه العناصر الملموسة والمحسوسة في صورة متكاملة ومتناغمة، إن بناء هوية الوسم يعزز تميز العلامة التجارية ويجعلها أسرع تأثيرًا واستدامة.

    بعض عناصر هوية الوسم:
    • الشعار (Logo): يعكس الهوية البصرية للشركة.
    • الألوان والخطوط: تلعب دورًا هامًا في إيصال شخصية الوسم.
    • تصميم المواد التسويقية: يشمل الإعلانات، الموقع الإلكتروني، والتغليف والتعبئة، والتطبيقات الأخرى.

    مثال: اللون الأحمر والأصفر في “ماكدونالدز” (McDonald’s) يعزز الشعور بالطاقة والمرح، حيث أظهرت دراسة أن الألوان الفاتحة تؤثر على شهية المستهلكين بشكل إيجابي، مما يعزز تجربة العملاء.

    وعد الوسم (Brand Promise)

    في عالم يتسم بتزايد الخيارات أمام العملاء، يصبح الوعد هو بطاقة الرهان الأخيرة التي تضمن للعميل تجربة موثوقة وتلامس توقعاته، حيث يعد الوعد التزامًا يقدمه الوسم لعُملائه، والأهم أن الوعد لا يقتصر على مجرد عبارة تسويقية، بل يجب أن ينعكس في جميع جوانب تقديم المنتج أو الخدمة لضمان تجربة سلسة ومُرضية.

    خصائص وعد الوسم الجيد:
    • يجب أن يكون بسيطًا وسهل التذكر.
    • يعكس جوهر الوسم والقيمة التي يقدمها.
    • يخلق توقعات إيجابية عند العملاء ويعمل على تلبيتها باستمرار.

    مثال: تَعِد “أمازون” (Amazon) عملاءها بتقديم تجربة تسوق مريحة وشاملة، وهو ما تحقق عبر خدمات مثل “Amazon Prime”، حيث أظهرت الإحصائيات أن أكثر من 200 مليون مشترك عالميًا يستفيدون من التوصيل السريع والمزايا الحصرية.

    الخاتمة

    بناء وسم قوي ليس مجرد تصميم شعار أو إطلاق حملة إعلانية، بل هو عملية استراتيجية متكاملة تتطلب فهمًا عميقًا للعناصر التي تشكّل هويته، فعند التركيز على الركائز الستة: جوهر الوسم والفئة المستهدفة والتموضع والشخصية والهوية والوعد، يمكن للشركات الناشئة بناء هوية متكاملة وتعزيز تنافسيتها في السوق من خلال تقديم تجربة استثنائية ومتميزة للعُملاء تستوفي توقعاتهم.

    في المقالات القادمة، سأعمل على استعراض كل ركيزة من الركائز بشكل مفصل، مع تقديم أمثلة عملية ونماذج نجاح توضح كيفية تطبيقها بفعالية في بناء وسم ناجح ومستدام لمؤسستك أو المنتج/الخدمة المقدمة.

     

    مقالات ذات صلة

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

    زر الذهاب إلى الأعلى