أمامك منحدرات انتبه لخطواتك
في ظل الأوضاع الاستثنائية التي نعيشها اليوم وحالة عدم اليقين لما قد يحمله الغد لنا، وفي زحمة الملهيات والمشتتات المهدرة للوقت، يتطلب ذلك قوة وعزيمة أكبر من أجل إدارة أوقاتنا ورغباتنا وتوجيهها إلى تحقيق سبب وجودنا، ولربما هذا يحتاج إلى وضع بوصلة لأولياتنا لترجيح كفتها مقابل أي تصادم مع مثل تلك الملهيات أو عوارض المستقبل، “العمر بضع ساعات” من أجل تحقيق غايتنا في الحياة، قاعدة جميلة “إطالة العمر باستغلال الوقت”، لربما يعيش المرء إلى تسعين عام ويزيد، ولكن بدون أثر أو بصمة أو ذكر طيب، والعكس صحيح الكثير من يذكرهم التاريخ عاشوا لسنوات أقل بكثير، ولكن خلدتهم أعمالهم وإنجازاتهم وما تركوه خلفهم.
يقول الشاعر البوصيري:
إلى متى أنتَ باللَّذَّاتِ مَشغُولُ وَأنتَ عن كلِّ ما قَدَّمْتَ مَسؤُولُ
فِي كلِّ يَوْمٍ تُرَجِّي أن تتوب غداً وَعَقدُ عَزمِكَ بالتَّسوِيفِ مَحْلُولُ
التخطيط لمعركة الوقت
في ديسمبر ٢٠١٦م كتبت أول خطة سنوية لي بالرغم من الإنجاز النسبي للأهداف التي وضعتها إلا انه كان كفيل بأن يرسم خارطة طريق لأولياتي وتركيز كل حواسي وقواي في اتجاه واحد محدد، واستغلال وقتي بشكل أفضل. ومنها بدأت أضع أهداف لي في كل سنة جديدة، وفي كل عام يتحقق الكثير من الأهداف ويتبقى لي الكثير لتحقيقه أيضا، وكنت أرحل الأهداف التي لم يتم تحقيقها في ذلك العام إلى العام الجديد، وأحذف الذي لم يعد صالحًا.
كنت أذهب إلى العمل مبكراً وأعمل لساعات متأخرة، لربما ذلك كان يسعد المسؤول، ولكن لم أكن أنتبه الى حجم الإنجاز المتواضع الذي كان يستهلك مني كل ذلك الوقت والجهد الطويل. وكنت ألغي الكثر من جدول أعمالي بسبب زيارات بغير مواعيد مسبقة أو لقاءات أصحاب تفسد ما خططت لعمله في إجازة نهاية الأسبوع!
في كل مرة أواجه تحد ما كنت أبحث عن أفضل الطرق والأساليب التي تساعدني في تنظيم الوقت وتحقيق الأهداف، من خلال اطلاعي على مراجع عديدة والتعلم من تجارب الآخرين في استغلال الوقت لفهم واستيعاب الجوانب التي يتعين على الفرد أن يدركها بشكل يومي في بناء الأهداف وتحديد الأولويات وكيفية التغلب على المشتتات.
يزيد وعي المرء في كل مرحلة وتتغير قناعاته وبالتالي تصبح أهدافه أكثر أهميه وواقعية، عام بعد عام تمكنت فعلاً من حصر تركيزي على أولويات محددة ومرنة التنفيذ، ولعلاج مسألة الإهمال والتسويف يتوجب مراجعة الخطة بشكل دوري وتقييم الأهداف، وهذه الخطوة مهمه لتذكير العقل اللاواعي بهذه الأولويات الذي سيعينك في تجنب أي مشتتات أو ملهيات عرضية.
بعض النصائح البسيطة التي ستساعدك في وضع أهدافك للعام ٢٠٢٢م:
- الهدف الرئيسي من الخطة هو التركيز لتحقيق الأهداف وتجنب المشتتات
- إبدا في وضع أهداف بسيطة ممكن تحقيقها
- احرص على تنويع أهدافك قدر المستطاع ولا تجعلها مركزه فقط في جوانب محدودة
- معاينة الخطة وتقييمها وتحديثها بشكل مستمر فهناك أحداث عرضية خارجه عن إرادتك قد ترغمك على الخروج من مسار خطتك بشكل مؤقت
- مكافئة نفسك عند تحقيق هدف معين وقم بوضع تحدي جديد
- تعلم مهارة قول “لا” للمشتتات والملهيات التي لا شأن لها بأهدافك
- إدارة المهام من خلال وضع الالتزامات واستغلال الموارد، وتجنب التسويف، وتوزيع المهام
- مناقشة الخطة مع الأهل والزملاء وأصحاب الثقة
ووقتك؟ فيما أنفقته؟
قال تعالى: (وما خلقت الأنس والجن إلا ليعبدون) صدق الله العظيم
هناك جوانب رئيسة يجب أن تكون ضمن أولوياتك اليومية والتي تنصب في هدف وجودك، كالروحي والمعرفي والصحة، والأسري والاجتماعي والمالي، تعددت هذه الجوانب في مختلف المراجع وبمصطلحات متعددة، لكنني أضفت جانبا آخر أحسبه لا يقل أهمية عن غيره وهو زكاة الوقت، مسألة الوقت من جانب إيماني هو شبيه باستغلال المال، والسؤال يوم الحساب فيما أنفقت وقتك؟ يتطلب إجابة واضحة وصريحه.
تأملها: إذا ظن المرء بأن أدائه للعبادات هو استهلاك لوقته أو مشتتًا لتركيزه، فتأكد بأن الله تعالى سيؤدبه بأن يتلف له وقتًا مديدًا بلا فائدة والعياذ بالله. والعكس صحيح إنفاق العبد وقته في طلب العلم وعمل الصالحات وأداء العبادات في وقتها، فإن الله يتولى صون وقته وبركته، وتيسير أموره وتوفيقه.
يتردد صداها في ذهني: “لا بارك الله في عمل يلهي عن الصلاة”
الجوانب السبعة في حياتك التي يتوجب أن تشملها خطتك السنوية، كالآتي:
- الروحي: التقرب من الله، التفقه في الدين، التفكر والتأمل
- المعرفي: القراءة والاطلاع، صقل المهارات المهنية، تعلم مهارات حياتية جديدة
- الصحة: الرياضة، التغذية، نمط الحياة، الثقافة الصحية، الاستشارات الطبية والفحص الدوري
- الأسرة: بناء الأسرة والمنزل، تربية الأبناء، إدارة شؤون المنزل
- العلاقات الاجتماعية: صلة الرحم، الأصدقاء والتواصل، العمل التطوعي
- المالي: الوظيفة، تنويع مصادر الدخل، الإدارة المالية، زكاة المال
- زكاة الوقت: تجنب المشتتات، التخلص من عادة سيئة، إضافة عادات جيدة، عمل تطوعي
انطلق لتكون سيد وقتك
من النماذج العملية والجيدة في وضع الخطة السنوية هي التي اقترحها الأستاذ عبدالله العتيبي في كتابه “فنجان من التخطيط”، والتي تعطيك مشهد متكامل لطريقة تصنيف الأهداف وذكر التحديات ونقاط القوة، ومن أجل تحقيق شروط الأهداف الذكية وجب تحديدها بفترة زمنية ووضع استراتيجية لإنجاز الهدف.
وضعت النموذج لك بملف أكسل (مع بعض الأهداف المقترحة) التي ستعينك في وضع أهداف خاصة بك.
نموذج الخطة السنوية
جداً مُعجبة ببساطة وهيكلة وتسلسل الكلام ، ولا غلطة.
ولكن سؤال ومعذور اذا ما قدرت تجاوب طبعا.
في ضياع الوقت الحين انا اذا عملت لستة الاهداف بس خصصت يوم واحد في الشهر مكتوب عليه يوم اللاشيء
يعني من منظور اخر ، يوم للهو ، للعب وعدم انجاز شيء
هل تعتقد صحيح هذا الشيء وليش ؟
وتكلمت عن التوفيق من الله والبركة في الوقت
هل أنت جربت هذا الشيء وكنت مثلا تفكَر على العكس والحين تتبّع ما في المقال ، اي سؤالي هل واجهت هذا التفكير في داخلك من مرحلة في حياتك او فقط تكتب ما تسمعه وتعرفه؟
جداً مُعجبة بطريقة الطرح وبساطة وسهولة التعبير والتسلسل الجبّار في الأفكار والذي يتّسم بالأناقة اللغوية.
نأتي لسؤال يدور في بالي: هل تعتقد إنفاق يوم شهرياً بدون العمل علو انجاز اي حاجة مضيعة للوقت؟
لان في اهدافي محدده يوم شهرياً مسمتنه اللا شيء.
ناخذ رأيك بما انه واضحة الخبرة في الموضوع وماشاء الله من ٢٠١٦👏👏.
ثاني نقطة ذكرت عدم التوفيق في الوقت لمن يمتلك فكرة انه العبادات مضيعة للوقت والعكس هو بركة هل واجهت فترة في حياتك كنت تعتقد بانها مضيعة للوقت وجربت والحين ترو الفارق ام هي مجرّد فكرة سمعتها وكذا؟
أشكرك أختي فيض النور على مرورك الجميل وكلماتك الطيبه
في البداية أود التأكيد على أني لا أزكي نفسي على أحد في هذا المقال، وكل النصح هو تذكير لي في المقام الأول.
بالنسبة لسؤالك فلا توجد إجابة جازمة تحضرني حاليا وإنما هي وجهة نظر:
– اليوم المفتوح فكرة جميلة لكسر الروتين والتجديد واستعادة النشاط، وبإمكانك ممارسة شي مختلف خلال ذلك اليوم كالرسم أو كتابة يوميات أو زيارة الأصدقاء أو غيرها من الممارسات حتى الاستجمام.
– بالنسبة للجانب الإيماني والعقائدي في مسألة الوقت فهي جاءت على ذكر العديد من العلماء والمشايخ وأكدوا عليها سواء ما جاء في التفسير أو السنة الكريمة، ولكن سؤالك بالنسبة لي هل مررت بتجارب أثبت فيها هذا الشي أم لا فلست متأكد، ولكن أؤمن بأن علاقتي مع الله هي سبب التوفيق في كل شي، تأتي فترات فتضعف العلاقة ويأتي التأديب الرباني مباشرة في أكثر من موقف ولله الحمد، وهذا أكثر ما يجعلني أؤمن يقينا بأن الوقت هو ملك الله ويجب أن نتأدب معه.
أتمنى أن أكون أجبتك على سؤلك أو أوضحت بما فيه الكفاية